بسم الله الرمن الرحيم
الليلة الثالثة عشر
"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (16) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (17) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (18) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ (19) وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ (2 فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21) وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (24) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (25) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)" القصص
مشاركة
وجد الشاب القوي التقي موسى رجلان يقتتلان، أحدهما من قومه المقهورين، والأخر من أعداءهم المسيطرين، لم ينتظر موسى ليتبين الأمر، ضرب عدوه بشده فمات، يا الله هكذا في لحظة أصبح قاتل، هو لم يقصد أن يقتله، فقط كان ينصر واحد من المقهورين، ولكن هذا تهور وخطأ فادح، ولكنه رجع إلى الله وندم وأدرك أنه ارتكب ذنب كبير، فأستغفر ربه، فغفر الله له.
وفي اليوم التالي لم يعي موسى الدرس، وجد نفس الرجل يتشاجر مع أخر، فعرف إنه يفتعل المشاكل، وكاد أن يقتل رجل أخر ولولا أن الرجل نبهه قائلًا:
أتريد أن تقتلني كما قتلت بالأمس؟
فادرك أن الرجل على صواب، وأن التهور والتسرع سيجعل منه جبارًا، وليس من المصلحين، كما قال الرجل، وقبل أن يرد أو يتصرف، جاء رجل يبحث عنه، ويخبره أن أعداءه يريدون قتله، لأنه قتل أحدهم، ونصحه بالهرب، فخرج من المدينة وهو خائف.
واتجه إلى مدين فوجد أمرئتين تبعدان أغنامهما العطشى عن الماء، فسألهما عن السبب، فقال إنهما ينتظران أنتهاء الرجل من السقي ثم يسقيان الاغنام بعد انصرافهم، لان والدهما شيخ كبير وليس لهما رجل يسقي لهم، فسقى لهما، ودعا ربه بالرزق وجلس يستظل، حتى جاءت احداهما تدعوه لزيارة ابيها ليعطيه اجر السقاية.
سمع الشيخ حكايته وصدقه، ثم قالت الفتاة لأبيها أن يستأجر الشاب القوي الأمين، فعرض عليه أن يزوجه ابنته، وان يكون مهرها أن يعمل لديه ثماني سنوات أو عشر، وافق موسى وتزوج ابنة الشيخ الصالح، وكأن الله أراد أن يعده قبل أن يكلفه بالمهمة الكبرى، ليتعلم الحكمة والروية من الشيخ الصالح، فيضع قوته في مكانها السليم.
علا الفولي