بسم الله الرحمن الرحيم
الليلة الحادية عشر
لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوْ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنتُمْ فَاعِلِينَ (1 قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنْ الزَّاهِدِينَ (2يوسف
مشاركة
من أجمل القصص بالفعل قصة يوسف وأخوته وأكثرها عبرة، لأن كثير من الناس يعتقد بأن بامكانه أن يرتكب جرمًا محرمًا ثم يعود من بعده صالحًا، وهذا بعيد تمامًا عن الحقيقة، لأن الحرام مثل الرمال المتحركة، إذا دخلته تسحبك إلى داخلها، فمن يسرق يصبح لص، ومن يقتل يصبح قاتل، ومن يشرب الخمر خالف أمر الله فهو عاصي، وكل منهم تجرأ على حد من حدود الله، وارتكب معصية، فكيف له أن يكون عبدًا صالحًا لله بعد العصيان.
أخوه يوسف شعروا بالظلم لتفضيل أباهم ليوسف عليهم، فقرروا أن يبعدوا يوسف عن أبيه بالقتل، ثم فضلوا النفي، فالقوه في البئر لتأخذه قافلة بعيدًا عن أبيه فينساه، ويحبهم كما يحبه، ونفذوا خطتهم، فهل نسي أباهم حبه ليوسف، بل حزن وبكى حتى فقد بصره، فلم ينفعهم ابعاده، بل تسببوا بالضرر والحزن لأبيهم.
وهذا لا يعنى أن العاصي ليس له حل، فالله غفور رحيم، ولكن الله لم يغفر لهم إلا بعد أن أعترفوا بذنبهم وندموا وطلبوا من يوسف العفو فعفى عنهم، وهذا ما لا يدركه بعض العصاة، جميل أن نعتزم على عدم تكرار الخطأ، ونستغفر الله، ولكن التوبة التي تمحو الذنوب مشروطة برد المظالم، واعادة الحقوق لأصحابها، أو طلب العفو إذا تعذر رد الحق، وهذا ضرورة ليكون المجتمع سليم، لا يسوي بين الظالم والمظلوم، ومن أخطأ يأخذ عقابه، أو يعفو صاحب الحق برغبته، ومن عصى الله فأمره إلى ربه إن شاء غفر، وان شاء عاقب، وهو العليم الحكيم.
علا الفولي