بسم الله الرحمن الرحيم
الليلة الخامسة
"(وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ*قالَ المَلَأُ الَّذينَ كَفَروا مِن قَومِهِ إِنّا لَنَراكَ في سَفاهَةٍ وَإِنّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكاذِبينَ*قالَ يا قَومِ لَيسَ بي سَفاهَةٌ وَلـكِنّي رَسولٌ مِن رَبِّ العالَمينَ*أُبَلِّغُكُم رِسالاتِ رَبّي وَأَنا لَكُم ناصِحٌ أَمينٌ*أَوَعَجِبتُم أَن جاءَكُم ذِكرٌ مِن رَبِّكُم عَلى رَجُلٍ مِنكُم لِيُنذِرَكُم وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ قَومِ نوحٍ وَزادَكُم فِي الخَلقِ بَسطَةً فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ). [سورة الأعراف
(قالوا أَجِئتَنا لِنَعبُدَ اللَّـهَ وَحدَهُ وَنَذَرَ ما كانَ يَعبُدُ آباؤُنا فَأتِنا بِما تَعِدُنا إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقينَ*قالَ قَد وَقَعَ عَلَيكُم مِن رَبِّكُم رِجسٌ وَغَضَبٌ أَتُجادِلونَني في أَسماءٍ سَمَّيتُموها أَنتُم وَآباؤُكُم ما نَزَّلَ اللَّـهُ بِها مِن سُلطانٍ فَانتَظِروا إِنّي مَعَكُم مِنَ المُنتَظِرينَ).
(ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ*فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ*وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَـذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ*وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ*أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ*هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ*إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ*إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ). [سورة المؤمنون
(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ*وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ*وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ*فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ*وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ*أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ*قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ*إِنْ هَـذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ*وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ). [سورة الشعراء
مشاركتي
ربط الخلود بالعمارة، وبناء التماثيل الضخمة، والقلاع المنيعة، والقصور العظيمة، والمعابد الفاخرة، أمر مشترك بين الحضارات القديمة، ربما لاظهار القوة، أو النهضة، أو لتمجيد ملك، ولكنها بشكل أو بأخر محاولة لتحدي الموت والاندثار بفعل الزمن، وتعاقب الملوك والدول، فظن البعض أن العمارة العظيمة باقية تخلد أسم أصحابها، وتشهد على عظمتهم.
ولعل من أطرف ما سمعت في هذا أن مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ أمون، حفظت من النهب والسرقة لقرون طويل، لأن ملك أخر بني مقبرته أمامها، لأن توت عنخ أمون لم يكن ملك عظيم من وجهة نظره بل مات وهو صغير، فاستهان بمقبرته، فدار الزمن وسرق اللصوص الذهب وما خف حمله وغلا ثمنه من مقبرة الملك المعتدي، ولم يتوقع أحد وجود مقبرة مخفية خلفها، فحفظت من الضياع حتى اكتشفها هوارد كارتر في عام 1922 وأصبح توت عنخ أمون أشهر فرعون، ومحتويات مقبرته تجوب العالم، وتبهر الناس في كل مكان.
ولعل هذه الرغبة في الخلود هي ما جعلت قوم عاد المغترين بقوتهم، أن يكذبوا فكرة أن يؤمنوا لدعوة نبي ويعبدوا الله وحده، فهذا اعتراف أن الله فضله عليهم، وهم من هم من حيث القوة والثراء والغلبة، فصدتهم شهوة الخلود عن الحق، فنصر الله نبيه هود، وأهلك عاد، ولم تنفعهم ابنيتهم وقوتهم، فسبحان الله الوارث، كل شيء هالك إلا وجهه.
علا الفولي